قراءة نقدية.المرآة كاشفة وليست عاكسة.
مقال تحليلي قد نشرته سابقاً على صفحة اتحاد المصورين العرب.
الصورة موضوع القراءة للمصور Karim Ahmed
اليوم نتكلم عن رمزية ومفهوم المرآة في العمل الفني والتصوير الفوتوغرافي لعل الكلمات تنفعنا في قابل الأيام لنستغل مفهومها في أعمالنا.
أن المرآة في الصورة تمثل طريقة لرؤيا ما لا يمكن رؤيته وطريقة لإكتشاف ( الرمزية) في العمل الفني والتصوير الذهني للوجود وفي رمزيتها ينكشف تأريخ الأفكار وجوهر الأشياء وكان سبينوزا Spinoza قد بلور نظريته حول وحدة الوجود العقلية بناءآ على رمزية المرآة على أساس أنها هي التجسيد الرمزي للروح وأن الحقيقة ليست خارج الإنسان مثلما ان الانسان هو جوهر الحقيقة.
وكانت رمزية المرآة في الثقافة الإغريقية هي النور الذي ينعكس في المرآة الكونية ويضيء النفس البشرية بكل ما تحملة من قوى عقلية وخيالية وعملية.
وقد أعتمدت أغلب الأعمال في عصر النهضة على المرآة التي اتخذت شكلآ دائريآ وذلك كأستعارة الى رمزية للمعرفة التي جوهرها المحاكاة والتشابة وقد عُرف عن سقراط أنه قال: " أن الدائرة هي أكمل الأشكال الهندسية ". وكان لإستخدامها في الأعمال الفنية الكثير من الرمزيات خصوصا في جسد المرأة التي كانت تمثل قيمة عليا بالحضارات الغابرة ومصدر الفيض والوجود والهبة.
لذا تختلف رمزية المرآة اذا كانت دائرية أو مستوية أو محدبة حسب الفكرة التي يتبناها الفنان لإظهار فلسفته وإصل المفهوم المرسل للمتلقي.
وتعتبر أيضآ نافذة تفتح مصراعيها نحو جوهر مخفي قابع داخل النفس الإنسانية وكأنها تحيل العمل من منظور مسطح الى فتح ثقب ليوصلنا الى العمق النفسي كما ان ليس للعمل منظور دلالة تقنية أو رياضية فقط ( لابد ان تحسب الزوايا وطريقة النظر في المرآة) وإنما له كذلك دلالة فنية جمالية تجذبنا لنتوقف عند مفهومها ونتفحصه بتأمل.
ومن المهم ان نستل المعنى من شكل المرآة فكل شكل له رمزية ومعنى نفسي انساني فشكل المرآة الدائري يختلف بالمعنى عن المربع والمستطيل وأيضا المرآة المهشمة دلالاتها الفنية وقيمتها الجمالية مختلفة عن المصقولة كما أن الجوهر المنعكس في المرآة وحالته النفسية يجب ان تمثل بصدق المشاعر مع تقاطع خطوط الوجه والاكتاف واليدين فكل ذلك لابد ان يحسب جماليآ فنيآ ليخرج لدينا عمل ذو فهم ورصانة معرفية رمزية روحية محاكية جوهر القضية المراد ابرازها.
ولو رجعنا للعمل المختار لوجدنا البساطة في إظهار الفكرة من خلال جزء من مرآة وكأنه يقول هناك جزء في داخلي غير مرئي لا يشبه أنتمائي للمحيط وليس هذا ما كنت اتمناه.
هي محاكاة ومواجة الذات ولتظهر كوامن النفس في جزئية ( المرآة الموجودة في العمل هي جزء من مرآة كبيرة) ليتحدث معها بشفافية وبنظرة صارمة وبوجود خط فاصل للوجه عن الجسد معبرآ عما يجول في رأسه دون بقية أعضاءه الأخرى.
حتى أن عدة العمل وحسب فهمي تعبر عن مراحل حياته وسنين عمره الداخلة في الأربعين ونيف والتي تصرمت منه واوصلته أن يكون عاملآ في ورشة دون تحقيق حلمه الذي تسرب كما الدخان خلف رأسه الظاهر في المرآة.
اشكر الفنان كريم أحمد لعمله الفني والجمالي.
حسين نجم السماوي