الصورة الفوتوغرافية في عصر الذكاء الاصطناعي: هل تفقد روحها وأهميتها ج3
المثال الثالث:
فؤاد شاكر: الشعر البصري الذي لا يُحكى.
لماذا تظل صورة (بصمة إصبع) بشرية؟
هذه التفاصيل لا يلتقطها إلا من عاش المدينة ك جسد حي، وكأنه يقول " اصور لأقول ما أستطيع قوله بالكلمات ولهذا لا تكفي الاوامر المرجعية"
فؤاد شاكر الذي تميز عن اقرانه بأسلوب، أصبح مدرسة عراقية متميزة ترتكز على الضوء وظلاله والبحث عنه في الشوارع والأزقة، حتى تميزت الصورة العراقية بهذا الأسلوب دون غيرها من المدارس الضوئية.
المثال الرابع:
وهناك الكثير من المصورين الذين أغنوا تأريخ التصوير بأعمال لكن تتكرر وعلى سبيل المثل لا الحصر، هنري كارتييه بيرسون صاحب اللحظة الحاسمة التي تعتمد على التزامن بين العين والقلب، وليس خوارزميات مبرمجة.
المثال الخامس:
هناك صورة خلدها التأريخ الفوتوغرافي وهي للمصور الجنوب افريقي (كيفن كارتر) عام 1993 أثناء تغطية المجاعة في جنوب السودان عندما نُشرت في جريدة النيويورك تايمز قوبلت بسيل من المديح يقابله سيل أكبر من النقد والاستهجان؛ "لماذا لم تساعد الطفل؟ ما الذي يعطيك الحق في تصوير مشهد جنائزي كذلك دون احترام أي خصوصية؟ هل نجا الطفل من براثن النسر؟
ومن ضمن تلك الأمثلة الصورة المروعة التي التُقطت الطفل السوري الذي نجا بالكاد من حطام طائرة، يجلس دون حراك كتمثال من الرخام يغطيه الرماد والدم، بعد انتشار تلك الصورة على نطاق واسع، التفت العالم للمأساة التي يتعرض لها سكان سوريا وخاصة الأطفال.
والمثال الأخير:
للتفجيرات التي حدثت في منطقة الكرادة في بغداد عام 2016 مخلفاً 213 شهيداً، والصور المأساوية التي تناقلتها وكالات الأخبار العربية والعالمية. هكذا مشاهد من خلال الأمثلة التي ذكرت، لا يستطيع الذكاء الاصطناعي أن ينتجها، لما فيها من عصف ذهني، وخلجات إنسانية، ومأسي بشرية يندى لها الجبين وتسجيل مجهود وانفعال وجداني، لا يوجد ما يعبر عن حقيقته، توليد أو خوارزميات، هذا الواقع، حتى لو أعاد صياغته الذكاء فلن يكون كما هي الحقيقة الواقعية.
الخاتمة:
في نهاية هذا المقال، إن الصورة الفوتوغرافية لن تفقد قيمتها، لكنها سيتصاعد أفق تطورها لتعكس التوازن بين الإنسان والتقنية، بينما يقدم الذكاء الاصطناعي إمكانيات كبيرة ستوظف في خدمة الحياة الإنسانية في كافة المجالات الحياتية.
ستبقى المشاعر واللحظات الواقعية، عناصر لا يمكن توليدها أو استنساخها بالكامل، وقد يشهد المستقبل انسجاماً بين العالمين، من حيث يكمل كل منهما الآخر دون الاستغناء عن أحدهما.
إن التقنية تمنح الأدوات وتيسر بعض الصعوبات، إلا أن الروح الإنسانية تهب للصورة معناها الحقيقي الذي تعيشه الإنسانية.
ستظل الكاميرا أداة ناقلة بين يدي الفنان، ويبقى الذكاء الاصطناعي مجرد فرشاة جديدة على لوحة، وسيظل قلب الفنان الذي يخفق أمام اللحظة والموقف، تدمع عينه لمشاهدة موقف حزين ويفرح لبشرى تسر خاطرة، وهذا هو السر الذي لا تملكه الخوارزميات ولا برامج التوليد.
(أجمل الصور هي التي لا تحتاج إلى شرح، لأنها تلامس المشترك الإنساني في هدوء وصمت).
ا
حسين نجم السماوي









