"إنهم يدرسوننا وسائل وليس غايات".
عمل الفنان جورج عشي |
من المؤكد حينما يتجه الفرد نحو الفن - محترفآ كان أم هاويا- فإنه يصب جل آهتمامه أولأ في التعرف على تكنلوجيا الأداء لممارسة عمله الفني.
فالمصور الفوتوغرافي مثلا حينما يطرق هذا المجال، إنما يبدأ بدراسة الكاميرا وطريقة عملها والعدسات وكيفية نقلها للصورة وكذلك تأريخ التصوير وتسلسله والمواد الكيميائية التي استخدمت أنذاك والفلزات ومن ثم الأحبار ووسائل تحميض الأفلام وطبعها وتكبيرها وفي نهاية المطاف يجد نفسه وقد تاه في مجموعة من الإصطلاحات العلمية والحقائق الكيميائية والفيزيائية والرياضية.
لا ننفي أهمية هذه الأمور ولايمكننا نكران أهميتها القصوى فهي بمجموعها تمثل وسيلة الأداء.
ولكننا؟.
نلمس من خلال أغلب الدورات والورش، أن المحاضرات ينصب إهتمامها على الوسيلة دون الغايات للفن، فالغاية والهدف النهائي من الصورة أن تكون أداة للتعبير البصري ولا يكون ذلك إلا بتدريس الغاية الفنية والقيمة الجمالية.
مثلما للنص الناطق المنسكب في أذان صاغية تبهر المستمع من خلال قوة السبك والتشبية والديباجة والسلاسة والمعاني التي تحيل الذهن الى تراكمات تصوريه مخزونة في اللاوعي وتنسجم معها الروح، كذلك الصورة أو آي عمل فني أخر مهما تنوع فهو سرد بصري أيضا وديباجة من نوع اخر تحاكي العين والفكر والمكنون الإنساني ليسرح معها بعالم أخر من الدلالات والرمزيات والمفاهيم الإنسانية. ولن يتمتع العمل الفني بهذا المستوى من الأدراك إلا بتدريس الغاية من الفن.
حاجة المتوجهون للفن بكل وسائله واتجاهاته يحتاجون الى ما وراء الأشياء ،ويحتاجون الأدراك الجمالي لمعاني التكوينات والعناصر وترتيبها والالوان ومعانيها النفسية يحتاجون للخطوط ودلالاتها هم يحتاجون ان يكتبوا قصيدة بصرية كي يقرأونها في سوق عكاظ الفن.
والفنان لا يقوم بعمله الفني لمجرد إشباع رغبات أونزعات ذاتية لأداء عمل ما أو منتج فني يعبر به عن احاسيسه، بل هو يهدف الى مشاركة الاخرين هذا المنجز لتعلو القيمة النفسية التي حققها من خلال أرضاء ذاته وامتاع الأخرين.
لذا نقول هلا تدرسونا في الدورات الغاية من الفن والهدف السامي من الفن والقيم الفنية التي تجعل أدراكنا للإشياء والأمور يكون مختلفآ لا نمطيآ كسولآ خالي من الروح معتم الضياء ضعيف الإشارة ركيك البناء في رسالته تناص وزحاف.
لتكن الغاية بناء اجيال مثقفة ذات بناء متين تسمو بالفن الى غايته.
لا نقصد بهذا المقال جهة ما، بل هو للفن ولأجل الفن.
حسين نجم السماوي